“ويكيليكس” .. تكشف العلاقة بين آل سعود واسرائيل

مساء يوم الجمعة الماضي بدأ موقع “ويكيليكس” بنشر مراسلات وزارة خارجية مملكة آل سعود من وإلى سفاراتها حول العالم، وهي المراسلات التي ألقت الضوء على سياسة الدبلوماسية ” السعودية ” تجاه عدد من القضايا وآلية عملها حيالها وما يستشف من ذلك عن تداعيات ومسائل أخرى طالما حرصت المملكة على أن تكون ممهورة بعبارة “سري للغاية”. حتى الأن قام الموقع بنشر أكثر من 60 ألف وثيقة من أصل نصف مليون وثيقة سيتم نشرهم على مدار الأسابيع القادمة، وبالبحث في الموقع عن ما يخص العلاقات بين آل سعود والكيان الإسرائيلي ومسألة التقارب بينهم وجد حتى الأن عدد من المراسلات التي تعطي صورة شبه متكاملة عن مراحل التقارب بين الدولتين واختلاف دواعي وأنماط ذلك، وخاصة أن المراسلات في أغلبها تخص العشر سنوات الماضية، والتي بدأت خلالها وبإلحاح طرح مسألة التطبيع مع ” إسرائيل ” ومبادرة النظام السعودي بذلك. العلاقات ” السعودية – الصهيونية ” لطالما كان الانطباع عنها لدى المتخصصين والمتابعين لها أنها تدور في إطار من السرية والغرف المغلقة منذ الخمسينيات. الجديد فيما يخص العلاقات مع ” إسرائيل ” أن الرياض دشنت مرحلة جديدة في التقارب بينها وبين ” إسرائيل ” ليس على مستوى استخباراتي وأمني يعمل عادة في السر، ولكن على مستوى تمهيد رأسي يبدأ من قمة هرم السلطة التي اشترطت قبول تل أبيب بالمبادرة سابقة الذكر لتطبيع العلاقات بالكامل بينها وبين “كل الدول العربية”-وهو ما لم يحدث ولم تبدي وقتها إسرائيل حماسة لقبولها- وصولاً إلى تمهيد في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية والأكاديمية والاقتصادية، حيث يصبح طرح المسألة ككل أمراً اعتيادياً لا يُنتظر التصديق عليه رسمياً.
في أحد البرقيات المؤرخة بـ27 أبريل 2005، والمرسلة من وكيل وزارة الخارجية للشئون الاقتصادية والثقافية، إلى سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي السابق، بشأن تلقي وزارته برقية من رئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء السعودية لاستبيان الموقف القانوني والدبلوماسي بشأن تعامل المملكة مع شركات أجنبية وثيقة الصلة بـ ” إسرائيل “، أشار وكيل وزارة الخارجية السعودية إلى قرار مجلس الوزراء السعودي رقم (5) المؤرخ ب13يونيو 1995 الخاص بإيقاف مقاطعة ” إسرائيل ” من الدرجة الثانية والثالثة، والاكتفاء فقط بالدرجة الأولى التي بموجبها تقاطع المملكة الشركات الإسرائيلية بالكامل وليس التي تملك فيها إسرائيل أو أشخاص يحملوا الجنسية الإسرائيلية حصة معينة، أو الأجنبية التي تتعامل مع الشركات الإسرائيلية طبقاً للدرجة الأولى.
في هذا السياق، كشف تقرير لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية قبل يومين عن حجم الاستثمارات الإسرائيلية في بلدان خليجية على رأسها السعودية، وكشفت الصحيفة أنها المرة الأولى التي تقدم فيها جهة إسرائيلية عن نشر تقرير مفصل بالأرقام عن حجم وطبيعة الاستثمارات الإسرائيلية في هذه البلدان، وفيما يخص السعودية منها فأن هآرتس ذكرت أن الاستثمارات الإسرائيلية المباشرة سواء البنكية أو التجارية تشهد نمو مطرد بدأ ببطء مع بداية الألفية الجديدة.
طُلاب سعوديين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن
أيضاً أكدت تسريبات ويكيليكس الأخيرة الخاصة بمراسلات الخارجية السعودية وجود بوادر لعلاقات بين الرياض وتل أبيب ليس فقط على المستوى الرسمي ولكن أيضاً على المستوى الشعبي، أحد هذه الوثائق تلقي الضوء على بروتوكول غير رسمي بوساطة أميركية ترعى علاقات بين المملكة وعدد من الدول الخليجية مثل قطر والإمارات تحت غطاء أكاديمي، وهو ما يأتي في إطار ما يسميه خبراء العلاقات الدولية ب”تأسيس علاقات طبيعية متجذره من أسفل”. اللافت للنظر أن الخارجية السعودية لم تبدي أي اعتراض أو تحذيرات في البرقية حول هذه الزيارة، وأنها تعاملت معها بشكل روتيني كما يحدث عند طلب استعلام الوزارة من سفاراتها حول العالم عن حدث بعينه، وهو ما يشي بأن هناك أنشطة مماثلة تحدث بشكل روتيني، وليس تصرف فردي من شخص أو مجموعة أشخاص يحملون الجنسية السعودية ويقيموا في الولايات المتحدة وقاموا بهذا التصرف بمبادرة فردية، ولكن تحت إطار ورعاية من برنامج حكومي أميركي تشترك فيه معظم الدول الصديقة للولايات المتحدة –بما فيها السعودية وإسرائيل- ومطلعة على أهدافه ومراحله، وأن بداية مشاركة السعودية في هذا البرنامج كان في 200، أثناء تولي الأمير تركي الفيصل منصب سفير المملكة في واشنطن، وهو الشخص الذي يُعد عراب التقارب بين تل أبيب والرياض.