المحلية

أزمة «زبالة» أم سياسة؟! – بتول عبدالله

بعد نحو ثلاثة وعشرين عاماً على بدء مشروع «الحريرية» في لبنان، والتي تمثّلت بوعود من الرئيس الراحل رفيق الحريري للشعب اللبناني «القنوع» بأهم مقومات الحياة، الماء والكهرباء والبنية التحتية. ولم ينسَ الحريري «تبشير» اللبنانيين بربيع دائم ومنحهم حلاً لمشكلة النفايات إلى جانب نعيم الاستقرار السياسي في «الشرق الأوسط الجديد».

فما الذي تحقّق من هذه الشعارات؟

الكهرباء مقطوعة، وفي أفضل الأحوال مقنّنة. المياه غير موجودة، إلا الملوّث منها. أما البنية التحتية فمن سيّء إلى أسوأ، فيما الاستقرار السياسي مغيّب حتى إشعار آخر.

لبنان اليوم غارق في وحول الفوضى الأمنية من جهة، وفيضانات النفايات من جهة أخرى. النفايات تغزو شوارع العاصمة اللبنانية وتهدّدها بالأوبئة وانتشار الطاعون والمالاريا.

تتكدّس أكوام النفايات في عدد كبير من المناطق اللبنانية، وسط عجز كامل من قبل شركة «سوكلين» الملتزمة جمع النفايات وطمرها.

استمرّت «غابة» النفايات بالتوسع في الأيام القليلة الماضية، وامتدّت الى 300 مدينة وقرية في محافظتي بيروت وجبل لبنان. فيما نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور تظهر شباناً في العديد من أحياء العاصمة والضواحي يحرقون المستوعبات، ما يفاقم الأزمة أزمة تلوث الهواء وينقلها إلى مستوى أعلى من السمّية، وخصوصاً أنّ عملية حرق النفايات تؤدي إلى انبعاث الغازات المسرطنة.

مطامر سبلين وحبالين ومجمل البلديات في لبنان، بدأت بـ«فدرلة» النفايات وطمرها في أراضيها، بعد استمرار «سوكلين» بالمماطلة في تنفيذ وعودها التي كانت تزعم أنها في صدد إنشاء معامل لحرق النفايات.

لا معامل بنيت ولا مطامر موجودة لاستيعاب النفايات، ما يهدد بتحويل كامل لبنان الى «مزبلة» كبيرة غير صالحة للسكن البشري. علماً أن شركة «سوكلين» تتقاضى 160 دولاراً لردم الطن الواحد من النفايات، مقابل تقاضي الشركات المتعهدة في الدول الأوروبية الحضارية من 40 دولاراً إلى 60 دولاراً لطمر الكمية عينها، على رغم مستوياتها المعيشية العالية والتفاوت الكبير بينها وبين بلاد الأرز.

وفي السياق، سرّبت مصادر نيابية ان «سوكلين» ربحت منذ عقدين من الزمن نحو ملياري دولار استناداً الى مقابلة تلفزيونية أجرتها محطة «او تي في» مع الوزير البناني السابق وئام وهاب، والذي أبرز خلالها وثائق تدين «سوكلين» وتشرع للنيابة العامة اعتقال مسؤوليها.

الانتماء السياسي لمالكي الشركة المتعهدة «سوكلين» هو تيار المستقبل اللبناني، حيث يرعاها رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة في شكل مباشر.

مسألة النفايات تُستخدم اليوم في إطار الصراع داخل الحكومة، ومنطق الإبتزاز يفترض أن أكوام النفايات هي عامل ضغط على من يُطالب بأن تكون آلية عمل الحكومة هي العنوان الوحيد أمام مجلس الوزراء.

النفايات هي أحد أكبر مكونات «قرص الجبنة» اللبناني وبالتالي لُعاب الجميع يسيل أمام «شهية النفايات» وليس من رائحتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق