المحلية

الزبداني: المقاومة تُفكّك «عُقدة الجنوب» وتطال مشارف وسط المدينة – عبدالله قمح

يزداد الخِناق يوماً بعد يوم على مسلحي مدينة الزبداني الذين يعيشون تحت وطأة نيران حزب الله والجيش السوري الكثيفة التي تكد تفاصيل التفاصيل في مدينة غيّر القصف من معالمها.

المصيف السوري الأشهر الواقع في وادٍ بين سلسلة جبال يحيط به سهلٌ زراعي ذات مشهد ريفي جميل يرتفع 1,250م عن سطح البحر، تحوّل إلى قاعدة عمليات المقاومة والجيش السوري. الجزئين الشرقي والغربي من المدينة هما مرتكزات العمل العسكري حيث تعمل المقاومة على قضم المساحات في الاحياء الشرقية والجنوبية الشرقية عبر عدّة محاور بهدف الوصول إلى وسط المدينة، وبخطوات مماثلة في الجزء الغربي والجنوبي الغربي. المقاومة التي ركّزت مواقعها وقواعدها في الجزئين تخوض فيهما معارك تتسم بالعنف. حرب المدن التي برع المقاومون فيها باتوا يآكلون عبرها الكتل السكنية بقضمٍ بطيء، يتمدّدون بشكلٍ يومي مسيطرين على كتل الجديدة وعند كل تقدم تضيق حركة وسيطرة المسلحين.

الشرق والغرب لقضم الجنوب

الجزء الجنوبي إنضم بقوة إلى مسرح العمليات الشاملة. الهدف كما تلخصه مصادر ميدانية لـ “الحدث نيوز” هو “عزل السهل عن المدينة” وبالتالي قطع أي إمكانية لوصول تعزيزات إلى الداخل عبر هذا الخط. سياق العمل هنا مشابه من حيث الأهداف لما يجري في الاحياء الاخرى، لكن هو مختلف في المضمون، فـ “الجنوب أخطر”، على ما تؤكده المصادر وتزيد: “كان بمثابة عقدة عسكرية. المسلحون ثبّتوا مواقعهم بقوة فيه، اسّسوا جغرافية متنوّعة لتدعمهم، حوّلوا كتل سكنية إلى مواقع وخطوط حماية، شقّوا الطرقات وأمّنوا أخرى تتصل ببلدة بردى بهدف تأمين الدعم والاسناد العسكري”. المقاومة التي أدركت منذ اليوم الأول أهمية الجزء الجنوبي من الزبداني، عملت على خرقه من إتجاهين، الأول إنطلاقاً من الجزء الجنوبي الشرقي عبر قواعد الثبات في الاحياء الشرقية التي إخترقت من جهة السهل عبر “الشلّاح” سابقاً، والثاني من جهة الجنوب الغربي بعد إختراق محور الجمعيات وتأمينه ليكون منطلقاً للانقضاض على الجنوب.

على هذا الجزء تشن المقاومة عملياتها من عدة محاور. أصحاب الشارات الصفر يتمدّدون من جهاتٍ ثلاث كانت أثمرت اولاً سيطرة على حي “السلطاني” ومن ثم حي “الزلاح”، ما مكّن المقاومة لاحقاً من العبور نحو الامام ما ادى لوصولها إلى “طلعة الوزير” التي تبعد مسافة قليلة جداً عن جنوب وسط المدينة بعد معارك عنيفة إتسمت بالقتال في الكتل السكنية والشوارع الضيقة التي سوّيت بعض مبانيها بالارض نتيجة إتخاذها مواقع قنص من قبل المسلحين بالاضافة إلى قيامهم بتفخيخ اخرى لعرقلة التقدم.

عن إسقاط طلعة الوزير 

“الذي اسقط طلعة الوزير هو ضربات المقاومة القوية والمحكمة” على ما يقول المصدر، الذي يؤكد ان تدمير نفق “الوزير” سهّل المهمة أكثر وكشف عمق المسلحين وأصابهم في دهشة واجبرهم سياق الاحداث بعدها وسقوط خطوط الدفاع بالتراجع إلى الخلف. “نفق طلعة الوزير” كان يعتبر من المواقع العسكرية الحساسة التي عملت عليها المجموعات المسلحة بهدف الايقاع بمجموعات المقاومة المتقدمة ومباغتتها من الخلف من خلال السير اسفلها والالتفاف عليها. النفق المحفور قبل مدة طويلة مُجهّز يبلغ طوله 350م تقريباً يبدأ من منتصف “حي طلعة الوزير” ويمر اسفل الاحياء الجنوبية رابطاً إياها مع المزارع الجنوبية للمدينة بمنطقة “بقين” في جنوب شرقها لكن العامل الأبرز له هو مروره تحت أوتوستراد الزبداني – مضايا، وبالتالي فإن موقعه هذا أثر بشكل مباشر على سير المعركة. ضرب النفق هذا كان كفيلاً بقطع اوصال وخطوط ربط المسلحين داخل الجزء الجنوبي ومكّن المقاومة من الوصول إلى مشارف وسط المدينة عبر إسقاط “طلعة الوزير”. وعلى ما تشير مصادر “الحدث نيوز”، فقد كان يعوّل على هذا النفق ان يكون ركيزة في مشروع تحويل المعركة إلى حرب أنفاق تماماً كما يحصل في حي جوبر شرقي دمشق.

إنكشاف المسلحين في هذا الجزء وضرب عناصر قوتهم أدى إلى تضعضعهم وبالتالي إنكفائهم إلى مشارف وسط المدينة حيث يسعون إلى حمايتها عبر تدعيم القوة في الاحياء الشرقية والغربية التي لا زالت المعارك تدور فيها وبعنف. الإنكفاء هذا، نتج عنه تمدّد المقاومة نحو “مزارع درب الشام” والسيطرة عليها وعلى الطريق الرئيسي الذي كان يعتبر خط الأمداد الاساسي للمسلحين من جهة بردى وعملياً تدل السيطرة الاخيرة وسياق السيطرة على الاحياء الأهم في الجزء الجنوبي، على إخراجه بشكل كامل من مسرح الاحداث والمعركة.

هوامش من المعركة:::

هذا يعرقل المسلحون

محاولات عرقلة تقدم او وقف تقدم المقاومة في الزبداني التي لجأت إليها الجماعات المسلحة عديدة لكن العامل الأبرز فيها هو العبوات الناسفة التي تعتبر عاملاً أساسياً. تُزرع هذه العبوات المصنوعة بأغلبها من مادة الديناميت وقوالب الـ “سي فور” مع كتل حديدية أسفل الجدران الممتدّة عبر الشوارع او عبر “عجلات السيارات” التي فخّخ بعضها ووضع في أماكن حساسة او من خلال تفخيخ الجدران الداخلية في الكتل السكنية. المقاومون الذين تنبّهوا لذلك، كانوا يختارون الممرات بعناية وكانوا يشدّدون على إستخدام تلك التي يتم تأمينها على مدى أيام من خلال قصف محيطها.

..ويعبر المقاومون

العبور في داخل الأحياء يتم عبر مجموعات مشاة صغيرة تابعة لوحدة النخبة في المقاومة (التدخل) تمر بشكلٍ متقطع مع مؤازرة نارية، اما في المناطق المكشوفة كالمزارع في سهل الزبداني، فيتم العبور عبر مجموعات تتقدمها آليات عسكرية وفي أغلب الاحيان “جرافة” من اجل رفع السواتر الترابية التي تحمي المقاومين في الالتحام المباشر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق