النساء.. وسرّ علاقة “أبـو مالك التلّي” بـ “داعش” – عبدالله قمح

«الدولة الاسلامية» و «جبهة النصرة» في القلمون، نقيضان، حليفان، ومتشاركي جبهات. في جرود القلمون تتغيّر الاستراتيجيات والتكتيكات المتبعة في سائر الجبهات، هنا، «داعش» و «النصرة» لا يزالان يستمتعان بدفيء تنظيم “القاعدة” الآخذ بالافول.
بين «داعش» و «النصرة» في القلمون ما يجمع أكثر مما يُفرّق، فالجماعتان اللتان نأت عن الصراع الدائر بينهما على مختلف الجبهات السورية، تراهما ينسقان على أكمل وجه في القلمون، فما السر؟
العلاقات الشخصية بين قيادات «داعش» – «النصرة»، كما صلات الرحمن والمُصاهرات، والخطر الواحد والكره لحزب الله، لها دور أساس في تلك العلاقة، فالطرفان متدخلان نسبياً من حيث النشاط المدني، فغالبية القيادات تعرف بعضها جيداً، إما خلال المشاركات مع “القاعدة” في العراق أيام الاحتلال، واما خلال المشاركات القديمة في مناطق البلقان، لكن العامل الأبرز يبقى عامل النساء!.
«أبو مالك التلّي» أو «الشامي» أمير «جبهة النصرة» في القلمون، أسمه الحقيقي ليس معلوماً، لكن ما هو معلوم انه رجل أربعيني من مدينة «التل» في القلمون، يضح نظّارات طبيّة. هو «قاعدي» قديم قاتل بصفوف جماعة «بن لادن» منذ ظهورها في العراق ابان الاحتلال الامريكي. بدأ حياته كقناص، وكان رفيقاً لـ «أبو مصعب الزرقاوي» الأب الروحي لفكرة «داعش». تقول مصادر انه أُصيب في الاشتباكات ثلاث مرات في القلمون ورُصدت له أدوار في التفاوض في ملف راهبات معلولا. الرجل متزوّج مرتين، كان معتقلاً في «سجن صيدنايا» في القلمون الذي خرّج ثلة الارهابيين كـ «زهران علوش، ابو عبدالله الحموي (امير احرار الشام) و الشيخ عيسى (مؤسس صقور الشام)».
للرجل علاقات قوية مع «الدولة الإسلامية» وقيادتها في سوريا والعراق، هو ما أهله لأن يكون مؤسس لفكرة الالتقاء مع «داعش» في القلمون. الرجل معروف عنه شدة معرفته الدينية كما انه طليق اللسان. بالعودة إلى موضوعنا الاساسي، فإن للنساء دورٌ هام في علاقة «داعش» مع «النصرة»، وعبرها «أبو مالك التلي» مع أركان «داعش» والامراء.
وتشير معلومات، ان والي دمشق في «الدولة الإسلامية» التي تعتبر منطقة «القلمون» خاضعة لها عسكرياً في تقسيمات «داعش» الداخلية، وهو شخص غير معلوم الهوية بعد، يحظى بعلاقة طيبة مع «التلّي» منذ ان كانا يقاتلان سوياً في العراق، لكن الأبرز هو ما سُرب عن مصاهرة تجمع الرجلين، ما يفسر دفيء العلاقة والخاصية التي تتمتع بها في القلمون.
وتشير المصادر، ان “نفوذ والي دمشق وكلمته لدى امير التنظيم البغدادي، مكنته من إحتلال موقع هام في التنظيم، وعليه، بات الرجل صاحب فرضٍ وأمر على عناصره الذين الزمهم بعدم القتال ضد جبهة النصرة في القلمون والبقاء على تحالف معها من خلال التلي”.
وعن دور النساء ايضاً، فإن ما إتضح منها هو العلاقة التي تجمع «التلّي» بـ «أبو علي الشيشاني» أحد أبرز قيادات «داعش» في القلمون. هذا الأخير وهو زوج «علا العقيلي» التي اعتلقت مع «سجى الدُوليمي» طليقة «أبو بكر الغدادي» في شهر 11 من قبل السلطات اللبنانية بتهم تتعلق بالارهاب قبل ان يتم الافراج عنها. يومها، خرج «الشيشاني» مُهدّد متوعّداً الدولة اللبنانية بشأن زوجته التي دخلت البلاد كـ «نـازحة». يومها ايضاً دخلت «النصرة» على خط «نصرة المجاهدة» التي جامعت «داعش» و «النصرة» مجدداً.
«سجى الدُوليمي» هي الاخرى تعتبر جامعة لـ «الدولة الإسلامية» مع «جبهة النصرة». الجميع يذكر كيف تدخل «أبو مالك» للافرج عنها في صفقة تبادل «راهبات معلولا»، وكيف سعى لضمها إلى الصفقة كما إخراجها من المعتقل السوري وكم ضغط من أجل ذلك. هي تعتبر طليقة «البغدادي» وزوجة قيادي آخر في «داعش».
الإخلاص لـ «البغدادي» تلميذ «الزرقاوي» من «التلّي»، دفع الأخير إلى إرسال «أبو عزّام الكويتي» الذي قتل على يد حزب الله بعد وقت قصير من الصفقة في القلمون، للإشراف شخصياً على عملية التبادل وتحديداً، وصول «الدُوليمي» إلى النقطة، يومها كانت هذه على شفير التسبّب في إشكال مع قوى الأمن اللبناني بعد ان كان يمسك احد العناصر في يدها، وهو ما اثار غضب ابو عزّام. تدخل «أبو مالك» شخصياً إذاً للافراج عن «الدليمي» التي تعتبر في الخط المقابل، لا بل إرسال «الكويتي» الذي يعتبر يده اليمنى بأمرٍ مباشر منه لاستقبالها وحماتها على الطرق، هو أمر يدل على قوة العلاقة بين أعلى هرم القيادتين في «داعش» و «النصرة».
«أبو علي الشيشاني» بدوره، لا يرى عيباً في العلاقة مع «النصرة» وليست كفراً، على عكس ما كان رأي «أبو الوليد المقدسي» أحد أبرز شرعيي «داعش»، الذي كفرّ «التلّي» وحاول فط الإرتباط بين قادة جماعته مع «النصرة» بالقوة ووصل به الأمر إلى قتل “الأمير العسكري ابو عائشة البانياسي” بعد ان رفض إنهاء العلاقة مع «أبو مالك» في هذه تدخلت أعلى السلطات في «داعش» لانهاء الخلاف ما ادى لجزه في السجن وتعيين امير جديد يتماهى مع «التلي»، وفق ما تُشير التسريبات. «الشيشاني» (أسمه الجقيقي أنس جركس) رجل قارب الثلاثيين كان يعمل في المعجات في لبنان تحول إلى قائد «كتيبة درع الاسلام»، ومن ثم بايع «داعش» معها لتصبح «كتيبة الشيشاني».
وكدليل على حسن علاقته مع «النصرة»، قال في مقابلة على صحيفة الأخبار قبل اشهر عن العلاقة بين «داعش» – «النصرة»، “إن طلبوا في الدولة روحي اعطيتهم اياها، وان طلبوا دمي اعطيتهم اياه من دون مقابل لأنهم أهل راية. هم يرفعون راية التوحيد ويُحَكّمون شرع الله. وإن طلبت جبهة النصرة دمي وروحي لفعلت أيضاً. جسدي وروحي اقدمهما هدية للطرفين لكي يتصالحا ونتحد تحت راية الاسلام. وأسأل الله أن يرفع هذه الفتنة”.
«الشيشاني – التلي البغدادي» وايضاً «والي دمشق» المجهول، إمتداداً نحو أمير منطقة جنوب دمشق «فرّامة» ليسوا الوحيدين الذين على وفاقٍ تام على الرغم من «الحرب الجهادية» التي تدور رحاها في باقي الانحاء السورية، فالمعلومات تشير ان مقاتلي الجماعتين من السوريين في القلمون يتقاسمون المصاهرة فيما بينهم وهم من عائلاتٍ واحدة تقريباً، وهو ما عمق الحلف، اضافة إلى العداء لحزب الله الذي جمعهما.
إذاً، فما يجمع «داعش» بـ «النصرة» في القلمون من النساء وصلات الرحم لهو أكثر مما يجمهم في العسكر، وعليه، فإن الصلح مبني على المصاهرة، والعلاقات الشخصية التي بنيت في ظل نشاط القاعدة.