ثائر العجلاني… شهيدا – حيدر مصطفى

كان ثائراً كما اسمه , ثائر شمس الدين العجلاني , ابن دمشق الذي امتهن الصحافةَ في شبابه وانتشر عمله مع بدء الحرب على سورية. إذ كان ثائر من أول الصحفيين الذين عملوا في الميدان على نقلِ الأخبار من مناطق الحدث وتقديم التقارير الإذاعية و إعداد الأفلام التسجيلية والوثائقية.
انفرد ثائر بأسلوبٍ خاص به, مختلفٍ تماما عما اعتادته الصحافة والصحفيون في سورية, إذ كان محررا لنفسه من كافة القيود والضوابط. منطلقا بشغفٍ وجهد لتوثيقِ الحرب الحاصلة في بلاده, ولطالما رفع شعار “وثق حربك”.
كان لثائر أسلوبا خاصاً في الكتابة ومخاطبة الجمهور, انفرد بمصطلحاتٍ وتميز بكلماتٍ ستبقى راسخة في عقول متابعيه ومحبيه وزملائه, دوما كان يخاطبهم بكلمة ” يا سادة”.
على مدى شهور طويلة وفي أصعب مراحل الحرب خصوصا في العاصمة دمشق ومحيطها كان ثائر مصدر الخبر الأبرز والأسرع, لطالما انتظر الكثيرون من سكان العاصمة إفادته الإخبارية ليعلمون ماذا يحصل. عُرف ثائر بقربه من الحدث بشكل دائم وقدرته على الوصول إلى المعلومات والتفاصيل وتقديمها للمتابعين بشكل دقيق ومتميز.
ميادينُ عديدة تشهد له من غوطة دمشق وأحياءها إلى القلمون التي أصيب فيها أثناء تغطيته لإحدى المعارك بين القوات المسلحة السورية والإرهابيين, إلى مخيم اليرموك وريف دمشق الجنوبي, والمنطقة الشرقية حيث كان أول الصحفيين السوريين الواصلين إلى مطار دير الزور العسكري عندما كان المطار يتعرض لأعنف الهجمات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”. وكان له الدور الأبرز في تكذيب الإشاعات التي تنشر عن الأوضاع في المطار عبر فيديوهات تسجيلية نشرت تباعا عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
لطالما وجدَ ثائر في مناطقَ لم يكن من السهل أن يتواجد أحدٌ آخر من الصحفيين السوريين فيها, ولطالما اعتبرَ من الأرقام الصعبة بين العاملين في الميدان لما يملكهُ من مقوماتٍ لتنفيذِ عملٍ صعب كهذا, فهذا الصحفي امتلك شغف نقل الصورة من الخط الأمامي الأول, وبرع في الحصول على موادٍ قيمة جدا, ووثق مراحل هامة من المعارك التي خاضتها دمشق ومحيطها مع الإرهابيين.
عمل ثائر مع عدد واسع من الوسائل الإعلامية وفي مراحل مختلفة – إذاعة شام إف إم – صحيفة الوطن – المركز السوري للتوثيق – شبكة عاجل الإخبارية ,وأيضا عمل كصحفي متعاون مع عدد من الوكالات الإعلامية والقنوات المحلية والعربية, وكان ناشطا في العديد من الاستحقاقات الوطنية فهو من مؤسسي بيان سوريا ضد الطائفية الذي شارك فيه عدد كبير من الصحفيين والناشطين.
صباح السابع والعشرين من تموز استفاق السوريونَ على خبرٍ شكلَ صدمةً للشعب بأكمله, ولكل العاملين في الوسط الإعلامي السوري , الصحفيُ الميداني الأول في سورية , استشهد أثناء تغطيته لعملية اقتحامٍ للجيش السوري في حي جوبر قرب دمشق. وحيدٌ لأمه ذهب مرتديا لباسه الميداني إلى الميدان يجاهدُ مع المجاهدين لنقل الحقيقة, وعاد إليها كما تمنى دوما , شهيداً.
إلى جنان الخلد