ضاحية القلوب… هيهات أن تُذَلّ – ليلى عماشا

هو زمن الحرب، وكل ارضنا ساحات معركة الى حين زوال الخطر المتمثل بوجهين قبيحين لعملة واحدة. ما عاد النقاش مقبولا حول “ماهيّة الخطر التكفيري” وتأثيره. وما عاد مسموحا الخوض في جدل عقيم تحت عنوان “يا عمي شو النا بسوريا”.. الزمن: انفجار والمكان: بهية الضواحي وموطن الشهداء: الضاحية.
صوت انفجار، متوقع.. تلاه صوت آخر.. والقلب الى البرج اتجّه.. الى الشارع المزدحم بناسه وبصور الشهداء وبعزّ لا ينقضي مهما كبر الوجع. قالوا انتحاريّ فجّر نفسه في الطريق ثم لحق به آخر.. اخبار كثيرة وردت والناس تتجمع لإنقاذ الجرحى غير آبهة باحتمال انفجار ثالث، بامكانية دخول غبي ثالث بينهم وتفجير نفسه. ولهذا معان كثيرة اولها ان الناس لا تخاف الموت وتفهم ان تلك المعركة هي معركتنا جميعا. ليس ذلك الا حبا بالحياة، الحياة التي لا تشوهها اباطيل التكفير.
هرعت الى هناك العقول تبحث عن محبيها. ومع بدء وصول الجرحى الى المستشفيات بدأت وفود المتبرعين بالدم تصل. تسابق النزيف ليتكرس الدم رسالة الى العالم. دمنا الّذي افترش الطريق هنا يعرف اين ثأره. يدرك انّه لا يسقط بل يرتفع حجر عثرة، بل اسوارا منيعة بوجه مشروع ال سعود. هذه الطريق الموشومة بخطى خيرة شبابنا الذين ذهبوا الى المعركة تضم جراح اهلها، وتلفظ كل دخيل متواطىء بحجة التعاطف او التباكي فوق جرح طازج..
ليس هو الانفجار الاول الذي يطاول الضاحية، وقد سبق الصهاينة ازلامهم التكفيريين اليها منذ عقود. وليست المرة الاولى التي تحمل فيها الضاحية على اكفها اجساد الجرحى والشهداء وتمضي بهم الى عزّ تلو عزّ. اختار انتحاريون ان ينهوا وجودهم بصفة قتلة جبناء لا يجرؤون على مواجهة، اختاروا شارعا مكتظا بالمارة وبالقاطنين. بعيدا عن نقاش خيارهم هذا وابعاده ودوافعه.. هل يدرك هؤلاء انهم يذهبون الى الجحيم بلا اي معنى؟ هل يدرك مشغلوهم من تجار الدم ان لا فائدة من هذا النوع من الارهاب وانه حتما لا يؤدي الى اضعاف تمسك الناس بالمقاومة وخياراتها حيثما وجدت في ميادين الصراع؟
الزمن انفجار، ولا يزيدنا التفجير الا ثقة بموقعنا من الصراع. المكان ضاحية القلوب ولا انتحاري يقوى على تخويفنا من السكن في قلبها. والحدث، عشرات من الشهداء اضاؤوا اليوم سماءنا كي يرى الكون كلّه كيف ان كل شدة تزول، وكل عدو، ويبقى الحق معيار وضوء، ومخرزا في عين الصهاينة والتكفيريين وصبيانهم.