المحلية

ضحايا لبنان يستحقون تضامن دولتهم أيضاً

في الفترة ما بين تفجيرين أوديا بحياة لبنانيين، في منطقة مهمشة في الضاحية الجنوبية لبيروت، والإحتفال بعيد استقلال لبنان، قررت السلطة الرسمية، ممثلة بمحافظ بيروت القاضي زياد شبيب، الأربعاء، أن تضيء صخرة الروشة بعلم لبنان كما علم فرنسا، التي خسرت عدداً من مواطنيها في هجمات يوم الجمعة الماضي.
من المفهوم أن تضيء دول، على رموزها المكانية، علم فرنسا تضامناً معها. ومن الطبيعي أن يتضامن العالم مع ضحايا قتلوا بلا ذنب. لكن، ما معنى أن يحصل ذلك في بلد شهد مسرحاً دموياً لتوه، وقد قالت إحداهن بعد حدوثه إنها “تذكرت مجزرة قانا”، من دون أن ننسى أن الذين قتلوا قُدّر لهم أن يعيشوا في الفقر والتهميش والحرمان وأن يموتوا في الأرض التي تحملوا فيها كل الصعاب، فيما تبدو السلطة الرسمية، في تضامنها الفرنسي، لا تعرف من برج البراجنة غير اسمها، وقد استكثرت على ضحاياها يوم حداد كاملاً، وإن بدا في حينها أن كل استنكار أو تضامن لا معنى له.

والحال إن الاعتصام لرفض إضاءة صخرة الروشة بعلم فرنسا، ليس أمراً مبالغاً به، ذلك اننا حين وقوعنا في مصيبة مشابهة لم نلق الإهتمام ذاته. لكن ما يبدو مبالغاً فيه، في المقابل، التضامن الاستعراضي للسلطة اللبنانية مع ضحايا دول أخرى، بينما لم يدفعها غرق مواطنيها بالنفايات لأشهر إلى تحمل مسؤولياتها “الانسانية” تجاههم، فهم في تأويل أبعد للمسألة ليسوا ممولين لها، ولا داعيَ، في رأيها، لتبييض صورتها أمامهم، بل أيضاً بدا هيناً عندها معاملتهم بشدة وعنف عند احتجاجهم ضد فشلها.

هكذا، لا يبدو ربط إضاءة الروشة بذاكرتي الإحتلال والإنتداب أمراً ساذجاً، طالما أن هذه السلطة، في اختلاف تسمياتها، تقيس جهودها ودورها على غير مقياس مواطنيها ومعيشتهم وحاجاتهم، وهذا ما يبدو مضحكاً في آخر الأمر.

ببساطة، ليس رفض الخطوة انتقاصاً من قيمة ضحايا أي بلد، بالعكس تماماً، فالتضامن واجب مع ضحايا العراق وسوريا وكينيا وفلسطين وفرنسا وغيرهم. لكننا فقط تعبنا من أن نكون أرقاماً وصوراً، وأن نقف إلى جانب الجميع من دون أن نجد من يقف إلى جانبنا.

يارا دبس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق