عن اغتيال جهاد عماد مغنية ومتاجرة “تيك دبكا” بالشائعات

يمتلك الاسرائيلي “غيورا شاميس” مخيلة واسعة أهّلته ليطلق واحدًا من أكثر المواقع ذات الطابع الاستخباري اثارةً في العالم: “تيك دبكا” الذي صار مرجًعا لكثير من وسائل الاعلام في عالمنا العربي.
بعد انشاء موقعه في العام 2000 بالتعاون مع زوجته الصحفية “ديان شاليم” التي تتولى تحرير المادة الانكليزية، ظهر “شاميس” في مقابلة على احدى القنوات التلفزيونية الاسرائيلية ليتحدث عن مصداقية وسيلته الإعلامية، بعد أن لفت الأنظار بقدرته على على ضخ كم كبير من التقارير ذات الطابع الاستخباري والعسكري. المتابع لتلك المقابلة يدرك مدى اتساع الهوة بين قدرة الرجل، البالغ من العمر 60 عاما، على ابتداع السيناريوهات وكسب المال من التقارير والنشرات التي يبيعها عبر موقعه، واستحالة قيامه بعمله هذا من دون ارتباطات أمنية مع أجهزة محترفة تستخدمه في تمرير الرسائل. (وتمرير الرسائل في عالم الاستخبارات لا يعطي بالضرورة مصداقية للرسالة، بل يهدف في الكثير من الاحيان الى التضليل او رصد ردات فعل معينة).
بالأمس أتحفنا “تيك دبكا” بمقال مثير يزعم فيه ان مدير الملف الاسرائيلي في الحرس الثوري الايراني كان عميلا لتل أبيب، وأنه هو من سرب المعلومات عن مسار الموكب العسكري الذي كان يضم جهاد عماد مغنية والجنرال الايراني الله دادي وبقية عناصر المقاومة اللبنانية في مطلع العام الجاري.
يضم تقرير “تيك دبكا” الأخير جملة من التفاصيل التي يجب التوقف عندها:
– يعتمد التقرير بوضوح على “مصادر ايرانية في أوروبا”؛ أي انه يعتمد على المعارضة الايرانية او حركة “مجاهدي خلق” المعروفة، والتي تورطت سابقا في اطلاق العديد من الشائعات بشأن البرنامج النووي الايراني وقضايا اخرى ذات طابع دعائي مفهومة الأهداف و تبين لاحقا عدم صحتها.
– يشير التقرير الى ان محكمة عسكرية تابعة للحرس حاكمت المسؤول الايراني العميل! علما ان النظام الايراني لا يخفي هويته العقائدية، وهو لا يتوانى في نقل أي قضية الى محاكمه المدنية التي تعتمد الشريعة الاسلامية مصدرا للحكم.
– كان المسؤول الايراني “العميل” – بحسب “دبكا” – مطلعا على مسار موكب لحزب الله وعلى معلومات عن نقل أسلحة ايرانية الى سوريا، مع ان تلك جولة الموكب لم تكن استثنائية او عملياتية. وقد حصلت في منطقة بعيدة نسبيا عن التماس المباشر مع الجانب الاسرائيلي، حيث يتواجد ارهابيين تكفيريين. ثم إن مهام “العميل” المسؤول عن الشأن الاسرائيلي – ودائما بحسب الموقع المذكور- لا تبرر سبب اطلاعه على معلومات تفصيلية مرتبطة بالداخل السوري.
في التقرير جملة كبيرة من الملاحظات الاخرى، لكن الخوض فيها لن يضيف الكثير الى حقيقة ان هذا الموقع، الذي أثار بلبلة كبرى في العام 2007 في الولايات المتحدة بنشر خبر كاذب عن وجود قنبلة “قذرة” في مدينة نيويورك، يعتمد اسلوب الصحافة الصفراء لبيع نشراته الالكترونية الخاصة.
وليست المرة الاولى التي يكون فيها لبنان مادة دسمة بالنسبة لـ”دبكا”. قبل 4 سنوات فقط، نشر الموقع الاسرائيلي خبرا عن توجه الاسطول الاميركي الى شرقي المتوسط للتحرك ضد حزب الله عند نشوب حرب ايرانية – اسرائيلية!
يختصر رونن برغمان مراسل الشؤون الامنية في “يديعوت احرونوت” حقيقة “دبكا” بالقول إن “المسؤولين الرسميين في الاستخبارات الاسرائيلية لا يعتبرون حتى أن 10 في المئة من مضمون الموقع ذو مصداقية”. أما البروفسور في كلية الحقوق في جامعة “كورنيل” الاميركي مايكل دورف فيعتبر أن “دبكا” يشكل “أفضل موقع اسرائيلي في تجارة الإشاعات”.
علي شهاب