المحلية

عن علم «حزب الله» الذي أرهب «دولـة الحرّيــات» – علي الهاشم

تجمهرّ الشبان وسط الطريق، رفعوا رايات حزب أكل عليه الدهر وشرب ولم يبقى منه سوى علم، إعتصموا على الطريق فأخيراً أصبح لديهم شيء للاعتراض عليه، نزلوا إلى الشارع في إستعراض قوة. 15 رجلاً “بالكتير” نزلوا فهُرع الإعلام الموتور لتغطية “المشهد الديمقراطي الغير مألوف”. وَعيد وتهديد و “صُراخٌ مُرتفِع” بدأ من شعار الإستقلال حتى معاداة السلاح.. أنه بإختصار ما فعله علم حزب الله في جونيه!.

شعارات “الخطر على المسيحيين” حضرت أيضاً، فهؤلاء تجاهلوا إرهابي “داعش” وتعدي الحلفاء على الصلاحيات وأصبحت القضية قضية “علم” عليه الخطر ومنه الخوف. قوافل سيّارة معدودة حضرت إلى شارع “الجديد” في مدينة جونية في محاولة لتقمّص مشهد ثورة “التيّار الوطني الحر” الخميس الماضي في وسط بيروت لاستعادة حقوق المسيحيين، لكن النهر الدافق من أنصار “حزب الوطنيين الاحرار” إرتأوا تغيير القبلة وتحوير الثورة من “ثورة صلاحيات” إلى “ثورة الخوف من العلم”. حقاً مرعب حزب الله!، حتى رايته باتت مصدر خوف رغم ان “الحزب” لم يقم يوماً بالاعتداء على أحد ولا سأل عن دين فلان ولا طائفة علّان، نراه في سوريا يُدافع عن الكنائس كما المساجد وعن المسيحي قبل المسلم!.

القصة بدأت حين قام “آ.د” برفع راية حزب الله على شرفة منزله قرب مكتب الطلاب في حزب الوطنيين الأحرار في الشارع الجديد بمدنية جونية كتعبيرٍ ديمقراطي عن رأيه وحريّة معتقده السياسي الذي يكفله له الدستور. أصحاب “الحساسية المفرطة” من إرتفاع منسوب الديمقراطية لديهم، رأوا في العلم “خطراً عليهم وعلى السلم الاهلي وإجتياحاً اهلياً ونشراً لثقافة الشادور وتعدياً على المقامات وتجاوزاً للحرمات”.. فبات العلم مادةً دسمةً للحزب المنقرض منذ زمن عن الساحة اللبنانية، الضائع في الولاء، فبينما يشدّد مناصروه على “الحرية والسيادة وإحترام الدستور”، يتعدون على حرية وسيادة غيرهم وعلى مواد دستورية نصّبوا انفسهم حراس “زوراً” عليهاً.. “يا لطيف” كل هذا أنتجه علم؟ يقول مراقب!.

NLP_Jounieh_1

هرج ومرج دار في المنطقة. الشاب إكتفى برفع العلم، بينما بدأ المتورون بأعداد العدة لـ “غزوة التحرير” مطلقين كلّ العبارات الطائفية المستوردة من زمن الحرب على رافع الرايـة وكأن جونية ليست في لبنان بل هي في جمهورية اخرى محرم على مناصر لحزب الله الاقامةَ فيها. طيلة نهار أمس حتى اليوم كان الاستفزازات سمة فبات شتم حزب الله بشكلٍ إستفزازي أمام أهل المنزل المناصر لحزب الله وإسماعهم الكلام النابي “أمراً واجباً”، لا بل وصل الأمر لاستفزاز كل من هو من بيئة حزب الله ويعمل في جونية عبر إسماعه “الكلام المعسول” والتطاول على المقامات.

مساء أمس الثلاثاء، صدر أمر العمليات بـ “نزع العلم” وإعادة السيادة، على إعتبار ان العلم ليس لبنانياً. تجمهر حشد معدود على أصابع اليد أمام مكتب “الوطنيون الأحرار”. هرع الإعلام المحسوب على الرابع عشر من آذار لتغطية الجزء المطوّر من “ثورة الارز المجيدة” فـ “هناك علم لحزب الله في المنطقة.. ياللهول!” في وقتٍ كان إعلام الفريق الإلكتروني يصورّ الأمر وكأنه “غزو” للمدينة وينقل الاحداث لحظة بلحظة. صوّر الأمر على انه “غزوة تحرير” وصل حد إتهام الحزب بـ “قلب ديمغرافية المدينة.. فجونية مسيحية” كما يقول احدهم، وكأن العلم يريد إزالة دين شريف يحاول الموتورون إستغلاله في أحداقهم السياسية.

حضر فرع المعلومات على إعتبار ان “هناك فتنة.. يا لطيف”، ربما لم يقرأ عناصر الفرع المولود من رحم قانونٍ غير شرعي، ان في الدستور مواد تنصف على إحترام الحرّيـات، فقاموا بنزع العلم من على الشرفة وسط تصفيق الحاضرين، تفرّق الجمع مزهوّاً بنشوة النصر واخيراً، “حرّرنـا القدس”.

كـان لا بد من المشهد ان ينتهي هنا، لكن آلة الضخ الطائفي إحتلت المشهد على مواقع إلكترونية ومواقع التواصل. برز سلاح جديد للتحريض على حزب الله وبيئته الموجود بعضها في منطقة جونية والجديدة ومحيطهما. فيديو لشخص يخرج من أحد المحال ويصرخ “مين لوطي (شاذ جنسياً).. ويبدأ بكيل الشتائم التي يُرد عليها آخر بشتم حزب الله فيقوم الموتور الأول بشتم الصليب المقدس فيبدأ الهرج والمرج والتضارب”. مادة روّجتها مواقع إلكترونية عن انها “شتم الصليب من مناصر لحزب الله”، فالغاية والضحة والاصطياد بالماء العكر بعد حادثة الأمس واضح، والترويج للفتنة واضح، وإلصاق أمر “صبياني مقرف” حصل من قبل شباب بعد إتهام هذا لذاك بأنه “لوطي” بظهر حزب الله لهو منتهى السخافة ودليل على أن البعض يسعى لاستغلال أي حادثة من أجل تشويه صورة حزب الله.

إن شتم أحد الموتورين لـ “الصليب المقدس” هو أمر لا شك بأنه مرفوض من الشيعة قبل المسيحيين، لكن ترويج الأمر على انه سياسي – مذهبي مناط بحزب في الشكل الظاهر على المواقع الأكترونية تلك عبر ذلك العنوان، لهو أمر “يُهدّد السلم الأهلي” أكثر من علم رُفع على شرفة مبنى إنطلاقاً من حق مقدس يكفله الدستور..

إن على بعض المواقع ووسائل الإعلام والأجهزة الأمنية أن تتقي الله في هذه المرحلة الحساسة.. و “عيب”.

من تجمع الأمس

الحدث نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق