غسيل الأخبار وتبييض المعلومات – بتول عبد الله

إن وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها أصبحت كالوقود الذي ما إن يلتقط شرارة إلا ويؤججها وينشرها لتبلغ الآفاق، من دون أن يحسب حساباً للآثار السلبية التي يمكن أن تعقب هذا العمل.
بدأت ظاهرة ترويج الشائعات والأخبار المفبركة بالتزايد مع تنامي لجوء الجمهور لمواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار. حتى أن مواقع وسائل إعلام تقليدية باتت تنقل تلك الأخبار وتنسبها لـ «تويتر» أو «فايسبوك».
أوجدت هذه الظاهرة بيئة خصبة للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعية، حيث يقومون بممارسة هواياتهم في بث المعلومات المغلوطة والترويج لأخبار تفتقد الصدقية، بهدف الإثارة. وكل منّا قد يقع في مصيدة هكذا أفخاخ، ويصبح بالتالي مساهماً في الترويج لهذه الشائعات عبر إرسال كل ما يصله من أخبار أو معلومات إلى غيره دون أن يتحقق من المصدر.
إذا ما تطرقنا إلى الشائعة السياسية والأمنية، الأمثلة لا تعدّ ولا تحصى، وبرزت في الآونة الأخيرة بشكل لافت للانتباه، وفي أخبار بعينها تستهدف خدمة موقفاً في السياسة المحلية أو الإقليمية أو الدولية. بالتالي ستؤثر على المواطنين والرأي العام.
في الأيام القليلة الماضية، وبعد القصف الجوي الإسرائيلي على منطقة القنيطرة في الجولان السوري المحتل، تحوّلت وسائط التواصل الاجتماعي إلى منبر للتحليل السياسي من قبل الصغير والكبير. المشكلة ليست هنا، إنما في نوع وحجم المعلومات التي نشرت، حيث استثمر البعض إعلان حزب الله عن استهداف عدد من عناصره في الغارة الصهيونية، وبدأوا بتداول الأسماء وتلفيق الأخبار حولها.
مثلاً، كم من رسالة على الـ «واتس اب»، وكم من «بوست» على «تويتر» أو «فايسبوك» تضمّن أسماء وهمية وغير صحيحة في لائحة الشهداء قبل صدور البيان الرسمي لـ «حزب الله»؟!
كما تكاثرت «التنبؤات» على مختلف وسائل الإعلام، الالكترونية تحديداً، والتي كان محورها التهويل من نتائج رد المقاومة وانعكاساته على لبنان.
شائعات كهذه، تندرج في إطارين:
أولاً، الشائعة الناتجة عن تداخل كمٍّ هائل من المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتدافع الأخيرة نحو الحصول على «سبق صحفي» تكون فيه الرقم واحد في نقل خبر ما، حتى ولو كانت انعكاسات نشره خطيرة على من يتناوله الخبر أو المجتمع بشكل عام.
ثانياً، الشائعة «المخابراتية» – أي تلك التي «تفبركها» أجهزة الأمن والمخابرات، وغرضها الأساسي هو تحقيق مصلحة سياسية وخلق حالة من الذعر في النفوس، وهي من عناصر الحرب النفسية. وقد تهدف هذه الشائعة إلى الحصول على معلومات معينة، حيث تنشر خبر ما على «فايسبوك» أو «تويتر» عبر استخدام نشطاء وجماعات ضغط لتلك الوسائط للترويج لمواقفها ومزج الخبر بالرأي، ثم تراقب تفاعل الجماهير معها. وبالتالي تتمكن من معرفة التوجهات السياسية للملايين من الأفراد مما يوفّر عليها رصيداً طائلاً في جمع المعلومات وكذلك تختصر الكثير من الجهد والوقت.
إن ترويج الشائعات وفبركة المعلومات عبارة عن عملية «غسيل الأخبار وتبييض المعلومات»، بالضبط مثل «غسيل الأموال»، مشبوهة المصدر وغير الشرعية.