ما بين دمشق والبحر .. كيف يحيا الكون دون أبهره ؟ – نمير سعد

رسائل البحر لليابسة . وحلم السيطرة على الساحل السوري .
و ليس بطريق حرير هذا العصر ، و لا هو الطريق نحو الجنة ، إنه في عقيدة الكثير من السوريين ، جزأٌ مميز من الجنة ذاتها ، حاله حال سفر البحر إلى حلب وحمص وحماه وغيرها ، تزداد أعداد من يؤمنون به أبهراً للعالم بأسره ، ولكم أن تفهموا جملتي الأخيرة وتفسرونها كما تشاؤون. إذ لم ، ولن ينسى الكون يوماً أنه كان الشريان الذي سبحت في منعرجاته قوافل أبناء التاريخ لتوزع الحضارة على بقاعٍ ما كانت تفقه شعوبها كنه الحضارة ، هوالشريان الذي يرفد المنطقة دولاً وشعوب بأكسجين البقاء ،الشريان الذي إن إنقطع ، زلزل رحيله منطقة الشرق الأوسط برمتها ، المنطقة التي تشكل مفتاحي الحرب والسلام . من هذا المنطلق .. هذه هي الأرضية التي يستند إليها كل من يؤمن أن سورية هي بحق قلب العالم ،وحيث أنها في يقين ملايين البشر كذلك ، فقد كان من الطبيعي أن يكون شريانها الأبهر ، أبهراً للمنطقة أولاً و للكون بأسره تالياً ، لأن العلة أو الآفات القلبية التي تصيب سورية قد تحول بعض العالم بشكلٍ سريع أو تدريجي ، إلى عالمٍ معاق ، والإعاقة هنا تأتي بمعنى العوز والإفتقار للأمان والأمن والإستقرار . وليس إشتعال النيران في ثياب هذا العالم ، والتهامها لبعض مساحات جلده وإصابة بعض أطرافه بالعجز الجزئي أو الكلي ، سوى تجسيدٌ لهذه الحقيقة والقاعدة. ..
طبيعة معارك إدلب وحماه وجسر الشغور ، وأريافها جميعاً ، كشفت عن توليفةٍ إرهابيةٍ جهنمية، تم تشكيلها برضًى وغطاءٍ أمريكي ومبادرةٍ آل سعودية ورعايةٍ ومتابعة آل عثمانية . التوليفة تصرخ بالفم الملآن وتعلن أن قطعان الإرهاب تنفذ اليوم ، وأكثر من أي يومٍ مضى ، أوامر السادة والقادة الفعليين للحرب على سورية . كان عليهم أن يخلفوا خلافاتهم خلفهم إلى حينٍ وأجلٍ غير محددين قبل عملية إندماجهم وانصهارهم في تشكيلات قتالية تشمل قوائم فصائلها حلفاء اليوم وأعداء الأمس، فكل خصامٍ وخلافٍ وقتالٍ هو مؤجل إلى حين إنبلاج ضوء النتائج النهائية لمعارك هذه المدن وأريافها، بالتزامن مع إشعال بعض فئات ذات القطعان وبأوامر من ذات القادة ، لجبهة الجنوب ، وما التحضير الإعلامي والميداني لغزوة دمشق العاشرة !!، سوى بعض نيران هذا التصعيد ، الغزوة التي يراد لها أن تصل إلى أعتاب العاصمة على أقل تقدير ، أو أن تسيطر على مساحاتٍ إضافية في محيط غوطتيها في أسوأ الأحوال . هي إنجازاتٌ مأمولة تتحول في حال تحققها إلى أوراق ضغطٍ إضافية يعمل على تجييرها فيما لو كتب النجاح لبعضها، في محاولة قلب موازين القوة وخرائط السيطرة والنفوذ على الأرض ، أوراق ضغطٍ يؤمل إستثمارها لاحقاً واستخدامها سلاحاً فعالاً في حرب المفاوضات أو التسويات ، يوم يحين أوانها ، سواء في موسكو أو القاهرة أو جنيف 3 ، الذي لا يبدو على الإطلاق أن المبعوث الأممي ” ستيفان دي ميستورا “في عجلةٍ من أمره لانعقاده !! ، وهو الذي قرر في غفلةٍ من صراخ الأرواح البريئة التي تسقط كل يوم ، وعقارب الزمن التي استحالت خناجر ، أن “مشاوراته القادمة سوف تستغرق ستة أسابيع ! قبل الإعلان عن خطوته التالية؟! – حال كثير من السوريين اليوم يقول : لا خير فيه ولا في من سبقه طالما أن لا خير يرتجى من المنظمة المهزلة التي ينتمون إليها. هذا هو حال أفرقاء وشركاء العدوان ، وحال وبائهم القطيعي المستشري، فيما ثنائية الجيش والشعب السوريين على غير حال ، فانتصارات الجيش وما يرفده ويؤازره من قوى مقاومة و دفاعات شعبية وطنية في عديد قرى سهل الغاب كما في بعض قرى وبلدات الجنوب في الغوطة الشرقية ، الانتصارات التي أثمرت سيطرةً على مساحات إضافية من الأرض ، وقطعت شرايين التواصل الجغرافي بين بعض الفصائل الإرهابية وخطوط إمدادها. إنتصاراتٌ تعلن جميعها قرب إفشال هذا المسعى وتحطيم أحلام قادة العدوان في تل أبيب وواشنطن وإسطنبول والرياض ، من خلال وأد أحلام أحفادهم وأدواتهم على الأرض ..
للنبلاء .. النجباء ، كلماتٌ أخيرة .
المرحلة القادمة أيها السوريون ..سوف تظهر ملامح ما لا يعلن عنه ولا تكشفه .. إلا نتائجه ،يقول المنطق . لكن الأهم .. الأهم .. هو ما لا يجوز إلا أن يكون لكم فيه عظيم الثقة ، هو إيمانكم الراسخ كرسوخ قاسيون بأن الأرض السورية ما كانت ولا ارتضت يوماً أن تكون لغير السوريين النبلاء ، وأن التراب لمن يسقيه طهراً وقداسة ، وأن الأرحام التي أنجبت ملائكةً وقدمتهم قرابيناً على درب الشهادة في سبيل الوطن ، هي أرحامٌ خصبةٌ ولادةٌ لا نضوب لها ، لن يعرف العقم أو الفناء إليها طريقاً أو سبيلا ، وأن أبطال الجيش السوري العظيم ،، من إرتحل منهم فداءً للوطن ، ومن لا زال يرابض ، هم الأمل والرجاء ، هم أساسات بنيان سورية الغد ، وأعمدة النصر الآت ، النصر الذي لن يرتضي عن عناقهم بديلاً ولن يقبل إلا أن يتحول إلى قبلاتٍ بنكهات الوطن من جباههم الشامخة ، ورقصات مجد على مناكبهم .. و باقاتٍ من الغار تتعطر بمسك القداسة، حيث رقاد رفاقهم الشهداء .
تحيا سورية .. والنصر لجيشها الأبي .