موسكو.. وجنود الشيطان – رائد دباب

قيل قديما: قتل امرء في غابة جريمة لاتغتفر وقتل شعب امن مسئلة فيها نظر.
اكثر من اربع سنين عجاف، مرت على الشعب السوري الابي، وهو يشد على جراحه صابرا محتسبا، يوري شهدائه تراب الوطن ويربت على جراح ابنائه وبناته ونسائه وشيوخه.
اكثر من اربع سنين عجاف مضت، وضن الكثير ان الدب الروسي قد دُفن في جحره تحت الثلج، بينما كان يطوي الشتاء حتى تحين ساعة الخروج الى الشمس، واعادة التوازن الى قانون الغاب الغربي.
وما ان وطأة قدماه الارض حتى تنحنحت الذئاب وبان عليها الهول والرعب، خرج الدب الروسي ليعيد للامم المتحدة وزنها، ولمجلس الامن مسؤلياته، وليعلم الرعاع من رعاة البقر والابل، انه لازال هنالك قانون يجب ان يحتذا به، وقالها وبحرف واحد لم نتدخل في سوريا الا بعد ما طلبت منا ذلك، أي الشرعية شرعيتان، الاولى محاربة الارهاب وهذا قرار من المجتمع الدولي.
والثاني دعوة من الحكومة المنتخبة من الشعب وهوليس خارجا عن ميثاق الامم المتحدة ، وقال ايضا: سوف نساعد العراق اذا ما طلبت حكومته الشرعية ذلك، بمعني لاتستهتروا بالسيادات الوطنية للشعوب، فهي التي تقرر مصيرها.
فبدد بذلك احلام الشياطين وعلى رأسهم امريكا، وغطرستهم واستخفافهم بدماء الشعوب، وها هم يبحثون عن التنسيق، ويتخبطون ويتعثرون، لانهم ارادوا شيئا، وارادة الشعوب الحرة شيئا اخر.
فاميركا كانت قد خططت الى سايكس بيكو جديد، وشرق اوسط على المعايير الامريكية جديد هو الاخر، ولانه لم يكن يصل الى ما دبره بليل الا بمساعدة شياطينه وارشائهم ، ولان الشيطان الاكبر يعرف نقاط ضعف تابعيه، سعى جاهدا ليستغل ما يريدونه في الخفاء، فتركيا اردوغان مثلا لطالم كانت تحمل عقدة تقسيم الامبراطورية العثمانية، وخاصة حرمانها من الموصل وكركوك في العراق.
وهذا ماعلمت امريكا وكيف يفكر فيه الاتراك الاخوان، فتدخلت امريكا مباشرة وبمساعدة حليفها السعودية في تونس ومصر، مقابل ان تعود مدينة الموصل الى تركيا بعد تقسيم العراق مع جزء من شمال سوريا.
ولانقول كل سوريا لان الفرنسيين كانوا ولازالوا يطمحون في سوريا سايكس بيكو، واما السعودية فحدث ولا حرج، فهذه العائلة التي سلطتها بريطانيا على اقدس بقعة للمسلمين، تمكنت من قبل ومن خلال مستشاريها الغربيين ان تسقط المشروع القومي العربي بكل ما اوتيت من قوة.
وما قامت به ضد الرئيس جمال عبد الناصر ليس بحاجة الى المراجعة، اذ يكفي ان تسال القوميين العرب من المصريين حتى يرفعوا اللثام عن ما فعله ال سعود لاجهاض المشروع القومي العربي.
وعلى الرغم من ذلك كان هنالك ما هو اخطر من الشعور القومي لدى العرب، وهو الحس الاسلامي الذي لطالما توجه الى قبلته الاولى القدس، ولطالما وقف الى جانب الشعب الفلسطيني ضد الصهاينة الذين زرعتهم بريطانيا على القبلة الاولى.
ومن هنا اوعز الغرب الى الوهابيين لخلق جيل يكفر حتى المقدسيين ليقصم بذلك ظهر المسلمين حتى لاتقوم لهم قائمة، وكما يقال شر البلية ما يُضحك، فمن سخرية القدر اننا لم نسمع ولا فتوى واحدة ممن يسمون انفسهم علماء السعودية، فتوى واحدة تحرض المسلمين ضد الصهاينة وتدعوهم للجهاد رغم ان هذه الارض مضى عليها سبعة عقود من الاحتلال الصهيوني الذي ذكرهم الله في محكم كتابة حيث قال لن ترضى عنك اليهود، او حين قال بعضهم اولياء بعض.
ولكن ماذا عن جائزة السعودية بعد كل هذه الخدمات، الجزء الغربي من العراق الى جانب اليمن، ولكن شريطة جمع ما تبقى من المخدوعين في افغانستان او من كانوا يسمونهم بالعرب الافغان وزجهم في حرب سوريا، كي لا يبقى منهم من تسول له نفسه ويقول ما الذي جنيناه في افغانستان ضد السوفييت، سوى الخدمة التي قدمناها الى امريكا والغرب.
لكن وعلى الرغم من كل ذلك نرى اليوم هؤلاء العملاء او ما يسمون انفسهم بعلماء يفتون ضد روسيا، في حربها ضد الارهاب في سوريا، ولربما ما اغاظ السعوديين هو ليس التدخل الروسي، لانهم اصغر من ان يتحدوا الروس فالمصالح مابين امريكا وروسيا اكبر من كل هؤلاء الاقزام، ولكن ربما انزعج السعوديون من بوتين لدعوته اردوغان لافتتاح اكبر مسجد للمسلمين في موسكو، او لوقوفه الى جانب ايران في المفاوضات النووية رغم كل ما عرضوه على عليه من رشاوى، وهذا يدل على حجم هؤلاء الذين ارادوا ان يبقوا عملاء للاخرين لامتلكون ارادهم.
على الرغم ان الروس لم يفعلوا ذلك لسواد عيون الايرانيين بل لاقتضاء مصالحهم، وعلى اية حال علينا ان نسأل ما الذي سيفعله جنود الشيطان بعد ان باغتت روسيا، حتى اجهزة المخابرات الامريكية ايضا، وما هي نتيجة العملاء والارهابيين عملاء العملاء، كل المعطيات تقول ام الهرب او الموت، فمن اشعل النار لابد ان تصيبه لفحها.