النازحات السوريات يزاحمن اللبنانيات.. على القسمة والنصيب

“أنت تاج راسي”. على وقع هذه العبارة السحرية التي تتردد في المسلسلات الدرامية السورية، والتي تقولها المرأة السورية لزوجها في دلالة على الخضوع الكلي لإرادته، يبحث الرجال اللبنانيون عن زوجات في مخيمات اللجوء السورية في لبنان. معدل الزواج من سوريات يتصاعد منذ اندلاع الازمة السورية وتدفق النازحين مع صعوبة إحصاء عدد حالات الزواج، التي لا تسجل في غالبيتها لافتقار السوريات الى أوراق ثبوتية في كثير من الأحيان. بين اللبنانيات والسوريات “قسمة ونصيب” وتنافس على قلب الرجل اللبناني، لماذا هذه الظاهرة؟
يقول حسان، وهو أستاذ اللغة العربية في إحدى مدارس عكار “أحببت الارتباط بفتاة سورية على اعتبار أن متطلباتها قليلة. فالسوريات لا يحببن المظاهر ولا يهمهن أن يكون لدى الرجل سيارة فخمة أو شقة تمليك أو حساب مصرفي. كل ما يهمهن هو “السترة”.
السبب الأول لتفشي هذه الظاهرة، التي يمثل حسان نموذجاً منها، هو الوضع الاقتصادي المتردي والمهور العالية التي يطلبها أهالي العروس اللبنانية، عدا المتطلبات الأخرى، إذ ان حسان لم يدفع سوى ألف دولار أميركي كمهر لعروسه سحر التي قبلت أن تقيم معه في غرفة داخل شقة والديه.
يبدو أن شيوع ظاهرة البحث عن زوجات سوريات ينطلق من مبدأين: سوء الحال وقلة المهر. وفي مطلق الأحوال فإن هذه الظاهرة الاجتماعية المستجدة لا تنحصر فقط في لبنان. فقد أشارت تقارير صحافية الى عقد نحو ألف حالة زواج خلال العام الماضي بين لاجئات سوريات ورجال مصريين مقابل خمسين جنيه للزوجة، فيما أشارت التقارير عينها الى زيجات تعقد في بلدان أخرى مقابل ألفي يورو للفتاة.
لهذه الظاهرة من دون أدنى شك أوجه ايجابية وأخرى سلبية. فمن الايجابيات زيادة الصلة الاجتماعية بين لبنان وسوريا من خلال بناء علاقات المصاهرة بينهما، لكن من السلبيات أن معظم هذه الزيجات قائم على أسس غير ثابتة ومتينة بسبب سهولتها ما قد ينتج عنه بعد فترة حالات طلاق، ومع انتشار الزواج غير المسجل رسمياً لافتقار الزوجات السوريات لأوراق رسمية، فان مواليد هذه الزيجات لا يمكن تسجيلهم، وربما تمر سنوات طويلة حتى تستطيع الزوجات السوريات الحصول على أوراق ثبوتية ويستدعي ذلك إقامة دعاوى ومحاكم لتسجيل الزيجات والمواليد.
الزيجات المختلطة لم تقتصر على مخيمات اللجوء ومحيطها وفي الأماكن التي ينتشر فيها السوريون، انما تعدتها الى وسائل التواصل الاجتماعي حيث تم إنشاء صفحة على موقع “فايسبوك” تحت مسمى “لاجئات سوريات للزواج” استقطبت أكثر من 18 ألف عضو خلال يومين فقط. الصفحة أقفلت بعد فترة وجيزة بسبب ضغط تحرك ميداني قامت به هيئات المجتمع المدني، التي تعنى بشؤون المرأة والأسرة مستنكرة هذه الأساليب التي تؤشر الى الكّم الهائل من الإنحدار الأخلاقي في المجتمعات العربية ومعتبرة أن هذا السلوك ما هو الا أسلوب مبطن لظاهرة الاتجار بالبشر.
تبحث اللاجئة السورية في لبنان عن زوج يؤمن لها سقفاً آمناً مع أهلها في حضن وطن بديل استقبلها على أرضه، لكنه لم يستطع أن يؤمن لها ظروف لجوء لائقة لنازحين قد يطول نزوحهم الى أجل غير مسمى.