صقور “التيار الأزرق” يتنازعون على وراثة الحريري

يوما بعد يوم يتفاقم النزاع بين صقور تيار “المستقبل”، والذين تحول بعضهم مؤخرا الى حمائم، في غياب رئيسه الرئيس سعد الحريري عن الساحة اللبنانية، منصرفاً الى ترتيب علاقته التي لم تستقر بعد مع القيادة السعودية الجديدة، حيث يعتريه قلق ازاء مستقبل هذه العلاقة، وتزيده بلة الازمة المالية التي يعاني منها، وتنعكس على مؤسساته وشركاته والعاملين فيها.
ويقول بعض “المستقبليين” أن أزمة الحريري هذه، هي التي ترفع من وتيرة النزاع العلني حينا والصامت أحيانا بين صقور “التيار الازرق”، ولا سيما منهم المسترئسون، الطامحون الى وراثة الحريري في رئاسة الحكومة، والذي يطمح للعودة اليها بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، حيث ان بعض هؤلاء “الصقور” أو “الحمائم الجدد” يستغلون علاقة الحريري غير المستقرة بالقيادة السعودية الجديدة لتلميع حضورهم على الساحة عبر التطرف في مواقف هنا والمزايدة في هذه القضية او تلك هناك أو المسايرة احيانا اخرى.
أبرز هؤلاء الرئيس فؤاد السنيورة الذي يستفيد من النزاعات والتناقضات القائمة بين “الصقور”علها تؤول لمصلحته، بحيث تجعله الخيار المقبول سعوديا، وربما محلياً، لرئاسة الحكومة الاولى في عهد رئيس الجمهورية المقبل. وأبرز هؤلاء “الصقور” المتنازعين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ووزير العدل اشرف ريفي المتعاركين حالياً بصمت حول الفيديو المسرب عن تعذيب بعض السجناء الاسلاميين في سجن رومية، إذ ان كلا منهما يسعى، كل على طريقته، لتحقيق طموحه بالوصول الى رئاسة الحكومة، اعتقاداً منهما ان فرص الحريري بالعودة الى هذا الموقع تتراجع يومياً.
ويستند كل من المشنوق وريفي في طموحهما الرئاسي الحكومي الى علاقتهما الوطيدة بالقيادة السعودية الجديدة. فالمشنوق يسعى الى تسويق نفسه رئيساً مقبولاً للحكومة المقبلة عبر اتخاذ مواقف مرنة من فريق 8 آذار، وعلى رأسه “حزب الله”، ويظهر نفسه بأنه يتعاطى مع الأحداث والقضايا الداخلية بـ”مسؤولية” على نحو لا يخدش في مواقفه أي فريق، مع اظهار عداوة لازمة للنظام السوري وشيء من “العداوة المقبولة” لـ”حزب الله” يعتقد ان الأخير يتفهمها ولا يعترض على تسميته يوما ما لرئاسة الحكومة. فيما ريفي يتطرف بشدة في الموقف من دمشق و”حزب الله” اعتقاداً منه ان هذا التطرف سيؤمن له الوصول الى موقع الرئاسة الثالثة في هرم السلطة، خصوصاً انه يمنن النفس بأن النظام السوري “سيسقط قريباً”.
وفي عملية تذاكٍ مكشوفة يحاول المشنوق وريفي نفي الخلاف الشديد السائد بينهما، والذي فضحه تسريب “فيديو التعذيب”، والقاء التبعة على فريق ثالث، فتفتحت “قريحة” ريفي عن اتهام لـ”حزب الله” بتسريب هذا الفيديو معللا ذلك بإفتراءات لم يصدقها احد، في الوقت الذي تحوم الشبهات حول وقوفه وراء عملية التسريب لضرب عصفورين بحجر واحد: خدمة فريق معين بحرف الانظار عن جهات تضررت من “الويكيليكس”، وتشويه صورة المشنوق وحرقه امام الشارع الاسلامي وداخل تيار “المستقبل” وإظهاره بأنه تغاضى عن تعذيب السجناء الاسلاميين، او انه “متورط” في هذا التعذيب من خلال معرفته بحصوله وصمته عنه وتغاضيه عن معاقبة مرتكبيه.
أما المشنوق فقد توعد ريفي، وربما آخرين لم يسمهم، برد لاحق عليهم عندما قال من سجن رومية، حيث قابل السجناء المعنفين، انه لن يرد على السياسيين الآن الذين تعاطوا بقضية تسريب الفيديو وعلقوا عليه. وكان واضحا من كلامه وايماءاته انه في مكان ما يلوم ريفي، أو يتهمه، من خلال نفيه “المنمق” لوجود خلاف بينهما.
وإزاء كل ما حصل لم يجد الحريري وسيلة للتصرف مع النزاع الدائر بين “الصقور” “المستقبليين” سوى الاتصال بالمشنوق وريفي والاشادة بـ”سرعة” معالجتهما المضاعفات التي اثارها “فيديو التعذيب”، ولكنه يرغب ضمنا بتفاعل النزاع بين هؤلاء “الصقور” اعتقادا منه ان الاتفاق بين هؤلاء سيكون اتفاقا عليه، فيما الخلاف بينهم يجعله “سيدا” عليهم، ويجعل زمام “التيار الازرق” في يده. وعلى رغم كل ذلك فقد تلقى الحريري نصائح بالعودة الى لبنان سريعاً قبل يفلت هذا الزمام “المستقبلي” من يده، لكن يبدو انه لم يتمكن بعد من الامساك بزمام علاقته بالقيادة السعودية الجديدة التي يعتبر انها الأساس لكل زمام يريد أن يمسك به.