هذا ما اوصى به الأسد الراحل لنجله الرئيس بشار الأسد….

قال الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة الديار الاستاذ نبيه البرجي انه بعد التنقيب في الابحاث، والتعليقات، الاسرائيلية والغربية منذ اندلاع الازمة السورية وحتى اليوم.. نستنتج (او نقرأ) ان الرئيس الراحل حافظ الاسد لم يورث نجله بشار الاسد السلطة بكل اثقالها، وفي بلد لم تهدأ الاعاصير حوله يوماً فحسب. اورثه عبئاً تنوء به الجبال، في منطقة الرمال المتحركة، اي رفض ابرام معاهدة سلام مع اسرائيل الا اذا رفرف العلم السوري على ضفاف طبريا، وهو المستحيل في العقل، كما في ما وراء العقل الاسرائيلي، اذا لاحظتم ما حدث لاسحق رابين ولـ«وديعة اسحق رابين».
واضاف البرجي قائلا: باتريك سيل قال لنا، وعند وزير للاعلام في دمشق، ان الصلح بين سوريا واسرائيل ممكن جدا اذا ما زالت احدى الدولتين. استطرادا، كيف للابن ان يقدم على ما امتنع عنه الاب. على الاقل، تناهى اليه كلامه بأن التوقيع مستحيل ولو استغرقت المفاوضات الف عام…
واستطرد قائلا: نستنتج (او نقرأ) لو فعل الاسد الاب ما فعله الرئيس انور السادات في كامب ديفيد، وما فعله الملك حسين في وادي عربة لما تزعزع النظام قيد انملة، ولما اجيز لـ«الاخوان المسلمين» اقامة ذلك النفق الايديولوجي بين مدينة اربد الاردنية، وحيث معقلهم، الى مدينة درعا السورية القريبة.
وتابع قائلا: قطعاً ليست الصدفة، ولا المعاناة، هي التي جعلت الشرارة تنطلق من عاصمة الجنوب السوري، مع ان كل جنوب مثقل بالانين، واحيانا بالحرائق. هناك السيناريو الذي بدأ عشية غزو العراق عام 2003، وبالتفاهم بين واشنطن واحدى العواصم العربية «نقبل ازاحة صدام حسين في العراق مقابل ازاحة بشار الاسد في سوريا».
واذا كان المسؤولون في تلك العاصمة يقولون ان حماقة جورج دبليو بوش وراء عدم تطبيق الحلقة السورية من السيناريو، فإن ريتشارد مورفي كان صريحا جدا حين نقل في بيروت ان كولن باول قال له «لقد وقعنا في حيرة فعلا، الى من نسلم مفاتيح دمشق، الى السعوديين ام الى الاتراك ام الى الاسرائيليين، ودون ان يكون بالامكان التوصل الى تلك الترويكا التي تتوافق في ما بينها على حكم سوريا».
واضاف الاستاذ نبيه قائلا: المثير ان الذي قيل عام 2003 يقال الان، حتى ان الخبير الاستراتيجي انطوني كوردسمان يلاحظ ان احدى المشكلات التي تواجه اي مسعى لعقد تسوية او صفقة هي ان سوريا تمزقت، او تحطمت، اكثر مما ينبغي، اذ بماذا يستطيع السعوديون والاتراك والاسرائيليون ان يمسكوا سوى بالشظايا.
وكان شلومو صاند قد كشف انه بالرغم من افتتان الرئيس ليندون جونسون باسرائيل، فهو رفض طرح غولدا مائير تقسيم سوريا غداة حرب حزيران 1967 لان اللجوء الى هذه الخطوة يعني استشراء الفوضى في المنطقة بأسرها.
وتابع قائلا: ابحاث وتعليقات كثيرة تؤكد ان تواصلا بين تل ابيب وعواصم عربية لم ينقطع منذ انفجار الوضع السوري، ودون ان يقتصر الامر على البلاط الاردني كقناة اتصال، بل ان لقاءات مباشرة، متلاحقة ورفيعة المستوى، حصلت، حتى ان عضواً بارزاً في «المجلس الوطني السوري»، وكان قد التقى مسؤولين اسرائيليين ناقلا اليهم رسائل من اعضاء آخرين وبارزين، اقترح على هؤلاء المسؤولين في احد اللقاءات، تشكيل حكومة سوريا الحرة في القنيطرة، باعتبار ان اسرائيل دولة صديقة وتفي بالتزاماتها السياسية والاخلاقية..
الطريف الآن ان تل ابيب التي مدت يدها لـ «جبهة النصرة» وفصائل اخرى، والتي لها، استخباراتيا وعملانيا ولوجيستيا، دور محوري في معارك الجنوب، تجاوزت مسألة اقامة نظام يبرم معاهدة السلام معها، ووفق شروطها، لتقول ان ما يعنيها، استراتيجيا، بالدرجة الاولى، انه لم تعد هناك دولة الى جانبها تدعى سوريا، كما ان الاطراف الاقليميين قد يبقون في حالة صراع حولها الى الابد…
الاسرائيليون كانوا لفترة يلقون باللوم على الاميركيين اذ كان باستطاعتهم، وخلال السنة الاولى للازمة، ترتيب البيت السوري من خلال ابدال النظام السوري بنظام آخر طالما تعامل اركانه مع المؤسسات الغربية بما فيها المؤسسات الامنية، لكنهم اعتبروا ان استمرار القتال على الارض السورية يستنزف جميع القوى الاقليمية الحليفة والمعادية ما يساعد على اعادة ترتيب الحجارة على رقعة الشطرنج..
الابحاث تكشف ان التنسيق بين المؤسسة اليهودية و السلطات السياسية والامنية في بعض الدول العربية بلغ ذروته في الاشهر الاخيرة، وكان الهدف تفخيخ الطريق امام اي اتفاق نووي يضع المنطقة بين صواريخ آيات الله وصواريخ «حزب الله»، الا اذا اعترف الايرانيون باسرائيل دولة يهودية، وهو ما دعا اليه بنيامين نتنياهو علنا…
على الارض السورية انتهت كوميديا الصراع العربي- الاسرائيلي. اي صراع من الآن وصاعدا؟!